رحلة المال..... وشرع الله جزء الأول
المال مال الله
وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً (28) وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً (29 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (30) وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً (31) وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً (32) وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً (33) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (35) وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36) وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً (39) .
.
.
.
. وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل .
. وأما إيتاء ابن السبيل ; فلإكمال نظام المجتمع ; لأن المار به من غير بنيه بحاجة عظيمة إلى الإيواء ليلا ; ليقيه من عوادي الوحوش واللصوص ، وإلى الطعام والدفء أو التظلل من إضرار الجوع والفقر أو الحر .
. ومعنى ذلك : أن التبذير يدعو إليه الشيطان ; لأنه إما إنفاق في الفساد ، وإما إسراف يستنزف المال في السفاسف ، واللذات فيعطل الإنفاق في الخير وكل ذلك يرضي الشيطان ، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه81ص .
وقد ابتدئ تشريع للمسلمين أحكاما عظيمة لإصلاح جامعتهم وبناء أركانها ; ليزدادوا يقينا بارتفاعهم على أهل الشرك وبانحطاط هؤلاء عنهم ، وفي جميعها تعريض بالمشركين الذين كانوا منغمسين في المنهيات ، وهذه الآيات أول تفصيل للشريعة للمسلمين وقع بمكة ، وأن ما ذكر في هذه الآيات مقصود به تعليم المسلمين ، ولذلك اختلف أسلوبه عن أسلوب نظيره في سورة الأنعام الذي وجه فيه الخطاب إلى المشركين لتوقيفهم على قواعد ضلالتهم
فمن الاختلاف بين الأسلوبين أن هذه الآية افتتحت بفعل القضاء المقتضي الإلزام ، وهو مناسب لخطاب أمة تمتثل أمر ربها ، وافتتح خطاب سورة الأنعام ب تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم كما تقدم هنالك
ومنها أن هذه الآية جعلت المقضي هو توحيد الله بالعبادة ; لأنه المناسب لحال المسلمين فحذرهم من عبادة غير الله ، وآية الأنعام جعلت المحرم فيها هو الإشراك بالله في الإلهية المناسب لما كانوا عليه من الشرك إذ لا عبادة لهم
وأن هذه الآية فصل فيها حكم البر بالوالدين ، وحكم القتل ، وحكم الإنفاق ، ولم يفصل ما في الآية الأنعام
.
وكان ما ذكر في هذه الآيات خمسة عشر تشريعا هي أصول التشريع الراجع إلى نظام المجتمع
.
وافتتحت هذه الأحكام والوصايا بفعل القضاء ; اهتماما به ، وأنه مما أمر الله به أمرا جازما وحكما لازما ، وليس هو بمعنى التقدير كقوله وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لظهور أن المذكورات هنا مما يقع ولا يقع
.
وجيء بخطاب الجماعة في قوله ألا تعبدوا إلا إياه ; لأن النهي يتعلق بجميع الناس ، وهو تعريض بالمشركين
.
وابتدئ التشريع بالنهي عن عبادة غير الله ; لأن ذلك هو أصل الإصلاح ; لأن إصلاح التفكير مقدم على إصلاح العمل ، إذ لا يشاق العقل إلى طلب الصالحات إلا إذا كان صالحا ، وفي الحديث : ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ، وقد فصلت ذلك في كتابي المسمى أصول النظام الاجتماعي في الإسلام
.
وليس المقصود من النهي عن أن يقول لهما أف خاصة ، وإنما المقصود النهي عن الأذى الذي أقله الأذى باللسان بأوجز كلمة ، وبأنها غير دالة على أكثر من حصول الضجر لقائلها دون شتم أو ذم ، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى الخطاب بالأولى
.
ثم عطف عليه النهي عن نهرهما ; لئلا يحسب أن ذلك تأديب لصلاحهما ، وليس بالأذى ، والنهر : الزجر ، يقال : نهره وانتهره
.
ثم أمر بإكرام القول لهما ، والكريم من كل شيء : الرفيع في نوعه ، وتقدم عند قوله تعالى ومغفرة ورزق كريم في سورة الأنفال
وبهذا الأمر انقطع العذر بحيث إذا رأى الولد أن ينصح لأحد أبويه أو أن يحذره مما قد يضر به أدى إليه ذلك بقول لين حسن الوقع
.
ثم ارتقى في الوصاية بالوالدين إلى أمر الولد بالتواضع لهما تواضعا يبلغ حد الذل لهما ; لإزالة وحشة نفوسهما إن صارا في حاجة إلى معونة الولد ; لأن الأبوين يبغيان أن يكونا هما النافعين لولدهما ، والقصد من ذلك التخلق بشكره على إنعامهما السابقة عليه
.
وصيغ التعبير عن التواضع بتصويره في هيئة تذلل الطائر عندما يعتريه خوف من طائر أشد منه إذ يخفض جناحه متذللا
ثم أمر بالدعاء لهما برحمة الله إياهما ، وهي الرحمة التي لا يستطيع الولد إيصالها إلى أبويه إلا بالابتهال إلى الله تعالى
.
وهذا قد انتقل إليه انتقالا بديعا من قوله واخفض لهما جناح الذل من الرحمة فكان ذكر رحمة العبد مناسبة للانتقال إلى رحمة الله ، وتنبيها على أن التخلق بمحبة الولد الخير لأبويه يدفعه إلى معاملته إياهما به فيما يعلمانه وفيما يخفى عنهما ; حتى فيما يصل إليهما بعد مماتهما ، وفي الحديث إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، وعلم بثه في صدور الرجال ، وولد صالح يدعو له بخير
.
وفي الآية إيماء إلى أن الدعاء لهما مستجاب ; لأن الله أذن فيه ، والحديث المذكور مؤيد ذلك إذ جعل دعاء الولد عملا لأبويه
.
وحكم هذا الدعاء خاص بالأبوين المؤمنين بأدلة أخرى دلت على التخصيص كقوله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين الآية
.
وفي قوله
.
وقد جمعت هذه الآية مع إيجازها تيسيرا بعد تعسير مشوبا بتضييق ، وتحذير ; ليكون المسلم على نفسه رقيبا
وللقرابة حقان : حق الصلة ، وحق المواساة ، وقد جمعهما جنس الحق في قوله حقه والحوالة فيه ما هو معروف وعلى أدلة أخرى
.
والعدول عن الخطاب بالجمع في قوله ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين الآية إلى الخطاب بالإفراد بقوله وآت ذا القربى تفنن ; لتجنب كراهة إعادة الصيغة الواحدة عدة مرات ، والمخاطب غير معين فهو في معنى الجمع ، والجملة معطوفة على جملة ألا تعبدوا إلا إياه ; لأنها من جملة ما قضى الله به
.
والإيتاء : الإعطاء ، وهو حقيقة في إعطاء الأشياء ، ومجاز شائع في التمكن من الأمور المعنوية ; كحسن المعاملة ، والنصرة ، ومنه قول النبيء صلى الله عليه وسلم : ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها الحديث
.
وإطلاق الإيتاء هنا صالح للمعنيين كما هي طريقة القرآن في توفير المعاني ، وإيجاز الألفاظ
.
وقد بينت أدلة شرعية حقوق ذي القربى ، ومراتبها : من واجبة مثل بعض النفقة على بعض القرابة ، مبينة شروطها عند الفقهاء ، ومن غير واجبة مثل الإحسان
.
وليس لهاته تعلق بحقوق قرابة النبيء صلى الله عليه وسلم ; لأن حقوقهم في المال تقررت بعد الهجرة لما فرضت الزكاة وشرعت المغانم ، والأفياء وقسمتها ، ولذلك حمل جمهور العلماء هذه الآية على حقوق قرابة النسب بين الناس ، وعن علي زين العابدين أنها تشمل قرابة النبيء صلى الله عليه وسلم
.
والتعريف في القربى تعريف الجنس ، أي القربى منك ، وهو الذي يعبر عنه بأن ( أل ) عوض عن المضاف إليه ، وبمناسبة ذكر إيتاء ذي القربى عطف عليه من يماثله في استحقاق المواساة
.
وحق المسكين هو الصدقة ، قال تعالى ولا تحضون على طعام المسكين وقوله أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ، وقد بينت آيات وأحاديث كثيرة حقوق المساكين ، وأعظمها آية الزكاة ، ومراتب الصدقات الواجبة وغيرها
.
وابن السبيل هو المسافر يمر بحي من الأحياء ، فله على الحي الذي يمر به حق ضيافته
.
وحقوق الأضياف في كلام النبيء صلى الله عليه وسلم كقوله : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة
.
وقد جمعت هذه الآية ثلاث وصايا أوصى الله به بقوله وقضى ربك . . الآيات
.
فأما إيتاء ذي القربى فالمقصد منه مقارب للمقصد من الإحسان للوالدين ; رعيا لاتحاد المنبت القريب ، وشدا لآصرة العشيرة التي تتكون منها القبيلة ، وفي ذلك صلاح عظيم لنظام القبيلة وأمنها ، وذبها عن حوزتها
.
وأما إيتاء المسكين فلمقصد انتظام المجتمع بأن لا يكون من أفراده من هو في بؤس وشقاء ، على أن ذلك المسكين لا يعدوا أن يكون من القبيلة في الغالب أقعده العجز عن العمل ، والفقر عن الكفاية
ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا
.
ولأن في الانكفاف عن البذل غير المحمود الذي هو التبذير استبقاء للمال الذي يفي بالبذل المأمور به ، فالانكفاف عن هذا تيسير لذاك ، وعون عليه ، فهذا وإن كان غرضا مهما من التشريع المسوق في هذه الآيات قد وقع موقع الاستطراد في أثناء الوصايا المتعلقة بإيتاء المال ; ليظهر كونه وسيلة لإيتاء المال لمستحقيه ، وكونه مقصودا بالوصاية أيضا لذاته ، ولذلك سيعود الكلام إلى إيتاء المال لمستحقيه بعد الفراغ من النهي عن التبذير بقوله وإما تعرضن عنهم الآية ، ثم يعود الكلام إلى ما بين أحكام التبذير بقوله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك
.
وليس قوله ولا تبذر تبذيرا متعلقا بقوله وآت ذا القربى حقه إلخ . . ; لأن التبذير لا يوصف به بذل المال في حقه ، ولو كان أكثر من حاجة المعطى بالفتح
.
والتبذير : تفريق المال في غير وجهه ، وهو مرادف الإسراف ، فإنفاقه في الفساد تبذير ، ولو كان المقدار قليلا ، وإنفاقه في المباح إذا بلغ حد السرف تبذير ، وإنفاقه في وجوه البر والصلاح ليس بتبذير ، وقد قال بعضهم لمن رآه ينفق في وجوه الخير : لا خير في السرف ، فأجابه المنفق : لا سرف في الخير ، فكان فيه من بديع الفصاحة محسن العكس79ص
.
ووجه النهي عن التبذير هو أن
.
فأحسن ما يبذل فيه
) .
والمقصد الشرعي أن تكون أموال الأمة عدة لها ، وقوة لابتناء أساس مجدها ، والحفاظ على مكانتها حتى تكون مرهوبة الجانب مرموقة بعين الاعتبار غير محتاجة إلى من قد يستغل حاجتها فيبتز منافعها ، ويدخلها تحت نير سلطانه
.
والإخوان جمع أخ ، وهو هنا مستعار للملازم غير المفارق ; لأن ذلك شأن الأخ ، كقولهم : أخو العلم ، أي ملازمه والمتصف به ، وأخو السفر لمن يكثر الأسفار ، وقول عدي بن زيد
:
والمعنى : أنهم من أتباع الشياطين ؟ وحلفائهم كما يتابع الأخ أخاه
.
وقد زيد تأكيد ذلك بلفظ كانوا المفيد أن تلك الأخوة صفة راسخة فيهم ، وكفى بحقيقة الشيطان كراهة في النفوس واستقباحا
وهذا تحذير من التبذير ، فإن التبذير إذا فعله المرء اعتاده فأدمن عليه فصار له خلقا ، لا يفارقه شأن الأخلاق الذميمة أن يسهل تعلقها بالنفوس ، كما ورد في الحديث إن المرء لا يزال يكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، فإذا بذر المرء لم يلبث أن يصير من المبذرين ، أي المعروفين بهذا الوصف ، والمبذرون إخوان الشياطين ، فليحذر المرء من عمل هو من شأن إخوان الشياطين ، وليحذر أن ينقلب من إخوان الشياطين ، وبهذا يتبين أن في الكلام إيجاز حذف تقديره : ولا تبذر تبذيرا فتصير من المبذرين ; إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ، والذي يدل على المحذوف أن المرء يصدق عليه أنه من المبذرين عندما يبذر تبذيرة أو تبذيرتين
.
ثم أكد التحذير بجملة وكان الشيطان لربه كفورا ، وهذا تحذير شديد من أن يفضي التبذير بصاحبه إلى الكفر تدريجا بسبب التخلق بالطبائع الشيطانية ، فيذهب بتدهور في مهاوي الضلالة حتى يبلغ به إلى الكفر ، كما قال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ، ويجوز حمل الكفر هنا على كفر النعمة فيكون أقرب درجات إلى حال التخلق بالتبذير ; لأن التبذير صرف المال في غير ما أمر الله به فهو كفر لنعمة الله بالمال ، فالتخلق به يفضي إلى التخلق والاعتياد لكفران النعم
.
وعلى الوجهين فالكلام جار على ما يعرف في المنطق بقياس المساواة ، إذ كان المبذر مؤاخيا للشيطان ، وكان الشيطان كفورا ، فكان المبذر كفورا بالمآل أو بالدرجة القريبة
[
. وقد كان التبذير من خلق أهل الجاهلية ، ولذلك يتمدحون بصفة المتلاف والمهلك المال ، فكان عندهم الميسر من أسباب الإتلاف ، فحذر الله المؤمنين من التلبس بصفات أهل الكفر ، وهي من المذام ، وأدبهم بآداب الحكمة والكمال82ص
يتبع...............................................................................................
No comments:
Post a Comment